الجمعة، 3 فبراير 2012

رحلة في آفاق المشرق والمغرب ( رحلة ذهنية) الحسن الغشتول


رحلة في آفاق المشرق والمغرب ( رحلة ذهنية)          
تأليف: الحسن الغشتول  تاريخ النشر: 01/12/2007 الناشر: الحضارة للنشر سعرنا: 4$
النوع: ورقي غلاف عادي، حجم: 24×17، عدد الصفحات: 78 صفحة    الطبعة: 1   مجلدات: 1 

صدر مؤخرا لعضو جمعيتنا الأستاذ الباحث الحسن الغشتول كتاب جديد بعنوان:
"رحلة في آفاق المشرق والمغرب"
وهو عبارة عن رحلة ذهنية خارقة لعوالم متعددة، ما بين الخيالي المحض والواقعي القح بناء على معطيات تاريخية صحيحة السند، قائمة الرواية، وعلى هدي من الخيال البديع المتسامق في الممكن والمستحيل.
و"الجمعية الفلسفية التطوانية" إذ تهنئ أحد أعضائها الفاعلين بهذا الإصدار الجديد عن دار "الحضارة للنشر" بالقاهرة، لتتمنى له مزيدا من العطاء والإبداع في مجالات البحث العلمي، وفنون الأدب وأبوابه، وهاكم مقطعا من هذه الرحلة الذهنية، التي تجوب أفقا عزيزا على قلوب كل أعضاء ومحبي "الجمعية الفلسفية التطوانية"، بما له من رمزية ومعنى …"
يترصد الرجع لخطاك، فيذكرك بما لدمشق من أخوات وأتراب. فدع عنك تدمر وعجائبها الخلية .. دع عروس الصحراء وما توشت به في أزمنة زنوبيا وأورليانوس وابن الوليد، عندها تختال وتتملكك دهشة الإعجاب ولا شك.
أما أنا، فعند كل باب المدن السبعة في تطوان تفتح أمامي دفات الأمل والرجاء، إني أرنو إلى نبض الشام فأناجيك في صمت، وأحس أن أبوابي السبعة جميعها مشرعة على عالمك البهي، أبوابنا يا صفي الدينأيضا كانت محكمة في إغلاقها وهي مثل أبواب مدينتك التي يلجأ إليها عند الويلات والخطوب، أتراني ممن نسي عند عتبات انسياقه إلى فسحات الحياة خارج الأسوار، ظلا ظليلا وحلما مورقا في أعماق لا يراها أحد من الناس غير الذين أسرتهم بجمالها الخفي رساتيق متلونة عشنا في كنفها راضين آمنين، وما يزال الصوت يسري في مسمعك، يستثيرك فتجيبه، يحدثك فترد عليه بذكرى تنبعث من أفقك الغابر، يقول لك:
"وعند حوران مدينة عظيمة يقال لها اللجاة، فيها من البنيان ما تعجز عن صفته ألسن العقلاء، كل دار مبنية من الصخر المنحوت، وليس في الدار خشبة واحدة، أبوابها وسقوفها وغرفها وبيوتها من الصخر المنحوت الذي لا يستطاع أن يعمل من الخشب على إحكامها".
يتسرب إليك شعور الحنين إلى هواء البلد ونسمته، إلى بسائط الفدان الساحرة .. تعرفه وهاجا إلى الأبد، منذ التحمت فيه ذائقة الشعر بمهرجان الفكر ووصال البسطاء منا .. إلى بلد الأكرمين عبورا ألقا في احتفال الذاكرة الندية المعتقة برائحة الأصالة والحب الدفين، فدان يختزل في ذاكرة شيوخ المدينة أسرار هذا المكان كله.
هو عندنا دم مخضب بعشق ونور .. هو عندنا ملاذ، وكلما هجست في خواطرنا ظنون، أوعصفت بنا حالكات ألفينا عقد حياة .. أوجدنا سببا من أجل التغلغل في الجذور ..
تنزلت بنا يا صفو الصفاء مثلكم محن أشد وأدهى، بلاء يشيب له الولدان، ثم كان عندنا مثلكم حجاز الأمن والأمان .. أسوار كانت تتعالى من داخلها أصوات التكبير فرحا بالنصر وعشقا للتراب، بجانبها قلاع ..
في الأعالي قصبة درسة الحاضنة النابضة، لا تمر عين بها إلا على وشاح عمران خالد .. تمر إلى سقايات وأبراج وساحات رابضة، كانت الأبواب السبعة دائما طريقنا لاختراق ذاك الجدار، كان التماثل مدهشا بين ربوع مراكش وبلاد الشام، وهو مما حدث مرة في التاريخ، ولم يزرنا إلا في الكرى والأحلام .. تماثل بين دورنا القديمة التي ائتلفنا الآن في ظلها النقي.
كل دار منفردة عندكم لا تلتصق بها دار أخرى، لا مهرب لأهل الرساتيق من بطش يد إلا إليها، في القلعة الحصينة دار تضج بكل العمال والخيل والغنم والأبقار، ولما تغلق بابها يجعل خلفها صخر أقوى من الرخام .. مغلق بإحكام.
هذا الاتساق العجيب في الملمح والصفات والعمران هو ما يحذو فتاي إلى مرابع الخلد والاعتلاء، هو ما يحذو بطلا رشحنا له كينونة أندلسية موشوجة بأصولها المشرقية، فهو لك الصميم .. بأنفاسك يسري سريان الماء في العشب .. وهو لي المديد ملء جناني يخفق مثل أفئدة الصبايا عند رعب الحكايا وهول العوادي ولذات الخلاص.
ـ فها أنت قد أصررت على أن تغوص في لجة الفتى الذي تخط مياسيمه يا أحمد بملامح فجرك الندي وألقك الأزلي:
يختلف الفتى الموريسكي عن الفتية في كثير .. يحن إلى فردوسه المفقود، ثم يفيض جنانه شجنا وتحنانا، فيهفو بشوق إلى سادة النجوم.
يطير به الأثير بالذكرى من نجم أندلس، إلى نجم الشام، في المربد وفي موطن الخليل، تشهد الذكرى أن النجم ما أفرد أبدا عن أخيه، حيثما حلت به، في بغداد، أو مصر، كحلت جفن السماء ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق