الجمعة، 10 فبراير 2012

الرحلة المغربية 1977 - 2005 , محمد فاروق النبهان


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العنوان: الرحلة المغربية 1977 - 2005
المؤلف: محمد فاروق النبهان
المحقق:
الناشر:
الوصف:
رمز الوثيقة:
التحميل: من هنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الرحلة المغربية 2012-1-5 م
        
        
        
 كانت الرحلة المغربية هي الأهمّ في حياتي ، وقد استغرقت هذه الرحلة أكثر من ربع قرن، وما زالت آثارها في نفسي، وكان لها تأثير كبير في أفكاري وفي ما كتبته خلال هذه الفترة ، وكل فكرة هي وليدة تصور مستمد من الحياة ومن تجارب الإنسان فى علاقاته مع الاخرين ، ولا يمكن للإنسان أن يفكر في أمر لا يتصور ملامحه من خلال الواقع ... عندما بدأت هذه الرحلة دعوت الله تعالى أن يبارك فيها، وأن يوفقني لخدمة البلد الذي أكرمنى بثقته، وأن يثمر جهدي العلمي خيرا ًوبركة

 ا الرحلة المغربية 1977 ـ5..2 ا بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه.. هذه صفحات سجلت فيها ذكريات الرحلة المغربية التي دامت مدة ثلاثين عاماً ابتداء من أول زيارة لي إلى المغرب عام 1973م إلى عام 2005م , حيث عدت في هذا العام إلى حلب مدينتي الأولى التي غادرتها عام 1958م فى رحلتى العلمية للدراسة والتدريس والبحث العلمى ، في كل من دمشق والقاهرة والرياض والكويت ثم المغرب. وسجلت في هذه الصفحات أهمّ ذكرياتي المغربية، وتاريخ دار الحديث الحسنية المعلمة الإسلامية الكبيرة التي أسهمت في تحقيق النهضة العلمية المغربية في مجال العلوم الإسلامية , ولم يكن الطريق معبداً في البداية بالرغم من رعاية الملك الحسن الثاني رحمه الله لهذه المؤسسة، ولولا رعايته لها لما استمرت وسوف تبقى إحدى أهم منجزات عهد الحسن الثاني العلمية. بدأت الرحلة المغربية منذ الزيارة الأولى إلى المغرب للمشاركة في الدروس الحسنية فى رمضان عام 1973م , وسجلت أحداث السنوات الأربع التي سبقت الرحلة والتي هيأت الأسباب لتلك الرحلة التي لم تكن متوقعة وما حسبت أنها ستطول كل هذه الفترة , وكان يمكن لهذه الرحلة أن تمتد أكثر من هذه الفترة إلا أن صوتاً عميقاً في داخلي كان يطالبني بالعودة إلى حلب , وكنت متردداً في الأمر ثم شعرت بأعراض المرض وأدركت أنه يحمل رسالة العودة , وهذا هو نداء العودة, ولا خيار لي إلا أن أستجيب. لقد انتهت الرحلة من الناحية الواقعية بعد وفاة الملك الحسن الثاني رحمه الله ، وبدأت النداءات الداخلية تتوالى نداءات العودة، لقد انتهت المهمة التي جئت لأجلها ، ولما ودَعت دار الحديث الحسنية بعد ثمانية أشهر تعالت النداءات , وأصبحت أغالب ذلك التدافع الداخلي، ولم يكن من اليسير علي أن أغادر المغرب، وبدأت رحلة العودة بطيئة ومترددة وخجولة ، وحاولت التوفيق بين رغبتين وارادتين، ولم أفلح في ذلك، وبعد خمس سنوات عدت إلى حلب، وأقمت مدة سنتين متواصلتين قبل أن أعود إلى المغرب في زيارةٍ استمرت ستة أشهر ، وتجددت الذكريات المغربية، وهي ذكريات جميلة ، والمغرب يستحق منى كلّ محبة فقد حظيت بكل رعاية وتكريم من الشعب المغربي الأصيل الذي أحبني وأحببته ، ولولا أنّ نداء العودة كان ملحاً لما عدت إلى حلب، وكنت أشعر أن حلب تحتاجني، وعندما كنت أزور كلتاوية حلب وهي المكان الروحي الذي نشأت فيه، وتربيت في ربوعه ، كنت أشعر بسعادةٍ روحية ونفسية كبيرة ، وكنت ألتقي بأبناء الكلتاوية من العلماء وأجد في ملامحهم ذلك الصفاء الروحي الذي يتميزون به ، وكان ذلك يفرحني ويجعلني أكثرتفاؤلاً ، ولا أشك أنّ أبناء الكلتاوية من العلماء سوف يحافظون على تلك الخصوصية التي تميزت الكلتاوية بها ، فقد كان اهتمامي في المغرب يتجه نحو العلم ، أما في الكلتاوية فقد كان اهتمامي يتجه إلى التربية الروحية ، وفي حلب كتبت عدة كتب ، وكانت ذات طبيعة فكرية ، وهي آراء وتصورات وتأملات ،وهي تؤسس لمنهج فكري متكامل ، ويركز على أهمية الاهتمام بالإنسان تربية وحرية وحقوقا والنهوض به وتكوين مجتمع إسلامي مؤهل لفهم القيم الإسلامية وقادر على النهوض والتقدم.... كانت فترة حلب غنية بالإنتاج والكتابة ، وكنت أحاول أن أسجل فيما كتبته بعض التأملات الذاتية المستمدة من الحياة والواقع والتجربة الإنسانية... وقد نشر بعض ما كتبت ولم ينشر البعض الآخر، وخلال هذه الفترة الحلبية عكفت على تسجيل هذه التأملات المغربية ، التي جاءت في هذا الكتاب، رغبة مني في إحياء هذه الذكريات الجميلة، عن الحياة المغربية وهي تعبر عن شوقي للمغرب واعتزازي بالمرحلة المغربية. لقد أردت تسجيل وقائع هذه الرحلة المغربية من البداية إلى النهاية ، وتتضمن الكثير من الأحداث والوقائع ، وتمثل جزءاً مهماً في حياتي العلمية ، ومشاركاتي الثقافية، وفي الوقت ذاته كنت أريد تسجيل بعض أحداث تلك الفترة الزمنية ، والتعريف ببعض الشخصيات المغربية، والاسهام ببعض المؤتمرات والانشطة الثقافية وبعض جوانب الحياة المغربية... كانت الرحلة المغربية هي الأهمّ في حياتي ، وقد استغرقت هذه الرحلة أكثر من ربع قرن، وما زالت آثارها في نفسي، وكان لها تأثير كبير في أفكاري وفي ما كتبته خلال هذه الفترة ، وكل فكرة هي وليدة تصور مستمد من الحياة ومن تجارب الإنسان فى علاقاته مع الاخرين ، ولا يمكن للإنسان أن يفكر في أمر لا يتصور ملامحه من خلال الواقع ... عندما بدأت هذه الرحلة دعوت الله تعالى أن يبارك فيها، وأن يوفقني لخدمة البلد الذي أكرمنى بثقته، وأن يثمر جهدي العلمي خيرا ًوبركة ، وما بحثت عن الدنيا في رحلتي هذه , فلقد تركت الكويت وهي في قمة قوتها المادية وتطورها العمراني والاقتصادي ، وكان النفط يتدفق بقوة على كل دول الخليج النفطية، وغادرت إلى المغرب وأنا سعيد بقراري هذا ، وكان دعائي أن يبارك الله في جهدي وعملي ، وأن يشرح القلوب لما أقوم به ، ولم أضق يوماً بما صادفني من عقبات وصعوبات ، فقد كانت الطرق ميسرة ولمست استعداداً شجعني على مضاعفة جهدي , وما زالت آثار الرحلة لم تظهر بعد ، فالعلم كالزرع قلما تظهر سنابله إلا في موسم حصاده ، ولو بعد جيل أو أجيال، ولا بد أن بعض طلابي سوف يحملون بعض هذه الأفكار إلى طلابهم فيما بعد ، وطالما إنني دعوت الله أن يبارك في هذه الرحلة فلا بد إلا أن يستجيب الله لدعائي ويبارك كل خطوة مخلصة .. وأوصي أصدقائي المغاربة وطلابى الذين أحببتهم أن يكونوا أوفياء لثقافة الإسلام الأصيلة , وأن يتمسكوا بهذه الثقافة كما فعل أسلافهم من قبل ، وأن يعتزوا بلغة القرآن ولو كانوا من الأمازيغ، فالعربية ليست لغة العرب وحدهم ، وإنما هي لغة كل المسلمين ، وهي لغة ثقافة الإسلام، ولا مبرر للخوف من انتشارها وليست بديلا لأي ثقافة قومية ... والمغرب عاصمة أصيلة وراسخة للثقافة الإسلامية ، ويملك الشعب المغربي كل مقومات الأصالة الفكرية والنبوغ في مجال الفكر الإسلامي ، ويمكنه أن يكون متميزاً في مناهجه الاجتهادية واسهاماته الثقافية، وهذا أمر جيد ومطلوب وظاهرة إيجابية، وكلما تعددت المناهج الاجتهادية اتسعت دائرة الرؤية الفقهية وأسهم هذا في إ ثراء ثقافتنا الإسلامية .... وقد سجلت أحداث هذه الرحلة وأيامها وما صادفني خلالها من مواقف وعقباتٍ، وهي أمورٌ طبيعيةٌ ومتوقعةٌ ، وما ضاق صدري يوما بما واجهته من عقبات ، وكانت الطرق المعبدة أكثر من الطرق الوعرة ، وقد أعانني على هذه المهمة الكثير من أبناء المغرب ممن لم أتوقع منهم ذلك ، وهيأ الله لي من الأعوان والمناصرين ما شجعني على تخطي العقبات وتجاوز الأزمات، وهذا يدل على تعلق المغاربة بثقافة الإسلام. ومن الإنصاف أن اعترف بفضل الملك الحسن الثاني رحمه الله في نجاح هذه الرحلة وفي تشجيع كل الخطوات التي قمت بها ، وفي توفير الأسباب لدار الحديث لكي تواصل مسيرتها العلمية، فقد كانت ثقته بي كبيرة، وهذا مما شجعني وجعلني أكثر شعوراً بالمسؤولية ، أرجو الله تعالى أن يكتب ذلك في سجل أعماله الصالحة ، ولا أشك في إخلاصه في هذا الأمر ، ومهما كانت الأسباب التي دفعته لذلك فهو يستحق الشكر والتقدير ، وعندما أشيد بمواقفه فإنني في ذلك لست مادحاً , وإنما اعترف بفضل لمن يستحق أن يذكر به .. وأحمد الله العظيم على ما أكرمني به من فضله ، وما وفقنني إليه من خدمة بلد عريق أصيل ، وأدعوه تعالى أن يجعل هذه الرحلة خالصة له، وبعيدة عن أيّ هدف أو طموح أو غاية مادية او دنيوية، وإذا كانت النية صادقة وخالصة وبعيدة عن الأغراض فلابدّ إلا أن يبارك الله فيها , وتعمّ الفائدة منها، ويكون لها ثمرة طيبة في المستقبل... وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين حلب : فاتح يناير 2011



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق