الأحد، 18 مارس 2012

محمد باهي : الرحلة البهية إلى باريس السرية



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العنوان: محمد باهي : الرحلة البهية إلى باريس السرية
المؤلف: محمد باهي, عبد الرحيم مؤذن
المحقق:
الناشر: منشورات التوحيدي, الرباط 2010
الوصف: 88 صفحة.
رمز الوثيقة:
التحميل: من هنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


رحلة البهية إلى باريس السرية، تركيب سردي بين محمد باهي وعبدالرحيم مؤذن




عن منشورات التوحيدي بالرباط، صدر في طبعة أولى هذه السنة للكاتب عبدالرحيم مؤذن كتاب «الرحلة البهية الى باريس السرية» عن نصوص للراحل محمد باهي. يقع الكتاب في 88 صفحة. ويضم الى جانب التقديم ـ التأطير النظري للكاتب عبدالرحيم مؤذن 10 نصوص.
تدخل هذه النصوص للفقيد «محمد الباهي حرمة» في سياق السرد الرحلي المتميز بغنى تجاربه، وتعدد أنماطه، استنادا الى مكوناته البنائية ـ سردا ووصفاـ التي لا غنى عنها في النص الرحلي، الذي يوازي، ويتقاطع مع السرد عامة، دون أن يمنع ذلك من استقلاله أجناسيا من غيره من النصوص السردية المتعددة.
ورحلة محمد باهي الباريسية هي ارتحال في أحشاء باريس السردابية، الرحلة الى باريس رحلة مستمرة، في الزمان والمكان...يشير الباحث مؤذن الى أن الكتابة عند المرحوم محمد باهي حفرا أركلوجيا في الذات والمكان معا، ولعل هذا ما يفسر طراوة «المحكي» عند الكاتب، وكأنه لم يقع إلا البارحة بالرغم من انتسابه الى أزمنة متباعدة.


صدر مؤخرا للقاص والباحث عبد الرحيم مؤدن مؤلف بعنوان " محمد باهي : الرحلة البهية إلى باريس السرية " .و هو في الأصل تركيب سردي ، لنصوص من تركة المرحوم محمد باهي ، قيلت بشكل غنائي متشظ في باريس وبها . وقد حاول القاص عبد الرحيم وضع إطار لتك النصوص الباريسية ؛ قصد تقديم إضاءات عديدة في تلك النصوص تركيبا ورؤيا . وهو بهذا الصنيع البديع يصنف إبداع باهي المنتقى في نص الرحلة المتعدد الصياغة والرؤى. وبالتالي فالنص الرحلي يتقاطع مع السرد بشكل عام ، لكنه يحافظ في العمق على استقلاليته . ولا غرو أن باريس كانت قبلة للعديد من الكتاب والرحالة العرب؛ نظرا لجاذبتها وشرطها المكاني. وأكيد أن باريس تتعدد بتعدد أثر العابرين وبصماتهم وبالأخص المنفلتين والباحثين عن فضاء للحرية والحياة بالمعنى الأعمق . أما رحلة محمد باهي كما يقول القاص عبد الرحيم مؤدن في مفتتح كتابه هذا " في رحلة محمد باهي إلى باريس سنتعرف على منظور جديد لباريس تجاوز ثنائية المنظور الرحلي السائد عند معظم الرحالين العرب عامة ، والمغاربة خاصة. وأقصد بذلك ثنائية الكفر والإسلام، التمجيد والتسفيه، الغموض والوضوح، القوة المادية والضعف الأخلاقي.. أما بالنسبة لمحمد باهي فإن منظوره لباريس كان ثلاثي الأبعاد: باريس التي في خاطري، باريس المرئية، باريس غير المرئية " . إن هذه الإضاءة بإمكانها أن تسامر القارىء وهو يتفاعل مع رحلات باهي الباريسية والتي كلما عبرت على شيء أو معلم ( النهر ، المترو ، المقبرة ، الفضاءات والساحات ..)إلا وحولته أو عجنته بين الواقع والمتخيل ضمن لغة مشبعة بالإيحاء ومحاورة النصوص الأخرى للتعزيز والتعميق . كل ذلك يمنح للنص الرحلي امتداداته وتقاطعاته مع النصوص التي تغني التأمل وتحدد المعلم (أدب ، فكر ، تاريخ..) . هنا قد تحول زاوية النظر في هذا الحجم المكان إلى أداة بحث في الحياة والوجود والكتابة نفسها؛ بغية خلق ذاك التوازي بين الجسد والمكان في رحلة سارية في الزمن، ليغدو كلاهما امتدادا طبيعيا للآخر: في تداخل وتحاور خلاق. يقول القاص عبد الرحيم مؤدن في المفتتح دائما : " في هذا السياق الذي جعل من باريس صحراءه الثانية بعد أن أتاحت له العيش..فيها كما كان يعيش في الصحراء.." الرحلة عبر هذا التركيب السردي تحاول تقديم باريس ككائن على قدر كبير من التقاطع مع مدن أخرى وأمكنة كذلك ، وبالتالي غدت باريس رقعة إنسانية عير مؤطرة بحدود ما أو إيدلوجيا ؛ إنها المكان المفتوح على أصوات من جغرافيات مختلفة توحدها القيم والأفق . من هنا يكتسي النهر والمترو... من خلال الوصف والتأمل خصائص وسمات غير آنية أو دائرية. هنا تنطرح باريس بين الوضوح والغموض ، بين المرئي واللامرئي في تخلقات تنطلق من المعلم وتذهب به في العمق الزمني . في نص " باريس السرية " من الكتاب ورد: " باريس مدينتان، مدينة العلن ومدينة السر. وإذا كانت باريس العلنية يعرفها ـ بشكل أو بآخر ـ القاصي والداني، فإن باريس السرية تظل مجهولة لدى الكثيرين. " . حسنا فعل القاص عبد الرحيم ، وهو يوجه نظرنا بشكل إشكالي إلى البعض من رجل قل نظيره ، يصنع نصا متعددا ، كما هو ،نص متعدد في التركيب والرؤيا . فيبدو النص محلقا بين النصوص دون حدود . الشيء الذي أخرج الرحلة من وثوقيتها إلى آفاق من الخلق والإبداع الذي يتخطى الآني والدائري ، ويبقى مشدودا لتك الآفاق كنقطة مرتعشة تلتقي فيها الأرواح التواقة لأفق آخر . قصد إبراز الأسئلة والإعلاء من شأن اللحظات المكتظة بشرط الحرية الذي يخلق مكانه في الإناء . شكرا للصديق عبد الرحيم، كأنك ترحمت على فقيد، ترحم فلعي قد يربك ويحرج السياسيين، الترحم على روح ستبقى محلقة بيننا في الحياة والوجود كرحلة أبدية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق