الأربعاء، 18 أبريل 2012

رواية رحلة الشتاء و الصيف - افران أو سويسرا المغرب: لن أسامحك أبدا المؤلف: ذ. الحسين العمراني


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العنوان: رواية رحلة الشتاء والصيف - افران أو سويسرا المغرب: لن أسامحك أبدا
المؤلف: ذ. الحسين العمراني
المحقق:
الناشر: 2011
الوصف:
رمز الوثيقة:
التحميل: من هنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رواية رحلة الشتاء و الصيف - افران أو سويسرا المغرب: لن أسامحك أبدا
الحسين العمراني بوابة إقليم أزيلال : 26 - 02 - 2011
رواية رحلة الشتاء و الصيف : افران أو سويسرا المغرب: لن أسامحك أبدا
لن أسامحك أبدا..لن أغفر لك فعلتك ولن أصفح عنك، لقد خلقت لي نكسة عظمى، أدميت جروحا لم ولن تندمل، صيرتني شيئا مبتذلا، أرديتني قتيلا يشكو غصة مرة مريرة في حلقه، ايفران المتربعة على جروحي، والتي سببت لي الكثير من الأذى عن غير قصد، ذلك أن ايفران بضحكتها و حميا شبابها و احتدام الحياة فيها، وفتنتها التي تفوق كل الفتن، قد تركت لدي انطباعا بأنها عشيقة متفردة عن الأخريات اللواتي سبقناها أو اللاحقات. إنني أشعر دائما في رغبة ملحة في مصارحة عشيقاتي اللائي زلزلن كياني، أتخمن ذاتي بالجراح، هذه الهلامية التي يتيقن الداخل إليها أنها جنة تحفها الأشجار، وتزينها الأزهار، وتخترقها الأنهار، وتروح وتغدو حرة فيها الأطيار، وتنطق بالمسرات والأسرار؛ أسرار الملكوت المقدسة، ايفران أيتها العشيقة الراكبة صهوة التعالي عن الوصف،أعتقد دائما أن هناك متعة ولذة لا تنضب في أعماق أكثر السياح شهوانية وشبقا ليفرن، ولن يغضب قولي سوى أولائك الذين يرون الشر في كل مكان ، حورية لا تحرم عشاقها من لذة الإبصار؛ ومن قشعريرة الجسد لنسيم منعش في عز النهار؛ للامتداد اللامتناهي للاخضرار؛ كأن هذا الرونق لخلقه تعاونت عليه الأقدار...لقد نسيت؛ أجل نسيت أن أدخر لغتي ؛ وأحتفظ بفصاحتي لأغازل هذه العروس الفاتنة في جلسة رومانسية؛ عشقية ؛ هيامية.
إن الزائر ليجد الطبيعة بايفران في هدوئها و نقائها ورونقها فتاة مكتملة الأنوثة، تفيض بريقا ساحرا قاهرا لكل العشاق. لقد جئت للاستمتاع؛ فإذا بي أذوب وسط مناخ ليس لي، مناخ أحالني إلى الغربة و الوحدة و الانبهار...لم تكن في الحقيقة سوى عشيقة رومانسية غريرة، وكنت أهمس وأردد: يا إلهي فليكن كل هذا حقيقة لا حلما، فلتمنحني السعادة ولتخلصني من الكآبة وفقر الرؤى والحرمان إلى الأبد...لقد نسيت عمري في تلك اللحظة، أصبحت من جديد ذلك الفتى الذي لا يشيخ، الفتى الذي حلم يوما بعد يوم بسعادة خالية من الشوائب و المكدرات، ولقد خلبتني أيضا تلك الرقة التي وجدتها في الحاضرين؛ الزائرين والقاطنين،أولئك الفتيات اللواتي قدمن من أزرو إلى ايفرن لنلتقي بعيون فيثال،تجاذبت معهن حديثا مطولا حول كل شيء، عن الأسرة التي استقبلتني في أنقى غرفها وأوسعها مقابل دراهم معدودات. لقد طفت كل الأماكن و بلغت ذروة الإعياء، فتمنيت لو استبدلت قدماي المتعبتين ؛ ذلك أن ورد الاستمتاع لم يزدني إلا عطشا ،تلك المنازل المغطاة بالقرميد؛ ذوات السطوح المثلثة التي تشع بهاء وجمالا ينضاف إلى جمال الطبيعة و رقة الطقس،منازل تتجاذب و طقوس المنطقة،تسمح سطوحها بانزلاق الجليد دون تراكمه ؛أيام تكون هذه العشيقة في ثياب زفافها؛تغتسل بالأبيض الناصع من حدثها الأكبر، وتستحم في عيون فيثال الغارقة وسط غابة ملتحمة أشجارها،كنت أسير الهوينى كالأبله، وكلما توغلت في الغابة و تناهى إلى مسمعي صوت المياه،هزني وأطربني ذلك الخرير، أو اجتاحتني رعشة لطيفة و ذغذغة ودودة لنسيم بارد. كلما حدث هذا و تقدمت خطوات إلى الأمام أزداد شعورا من لا جدواي؛وأموت عشقا في الطبيعة،أذوب من فرط الجوى،أصير شيئا بلا ماهية؛ عدما دون وجود. وصلت أخيرا وهالني" الذباب الآدمي" المنتشر كالأعشاب الداوية في كل مكان، أجواء متعددة، ممارسات وانشغالات شتى. جلست كالمعتوه وراء طاولة أشرب الكوكاكولا؛ وأتابع بشرود هؤلاء الزوار ؛كل يمارس حماقته المفضلة، كنت كالقادم من كوكب مجهول،انتابني إحساس بالعبثية، شعور سوداوي امتلكني على حين غرة، وصدقوني فقد ضقت درعا بنفسي،كان بودي البحث عمن يؤنسني في وحشتي،ولكن مللت كل شيء؛ بدءا بنفسي؛ ووصولا إلى ايفرن نفسها،فبقدر ما أسعدتني؛ بقدر ما كآبتني،ذلك أنني لم أستطيع مجارة إيقاعها.أطلقت سيقاني أسري في المساء الإيفراني إلى وقت متأخر،اقتنيت عشائي؛ وسرت ثقيل الخطى إلى البيت المستأجر. قضيت ساعة مرح مع أبناء رب الأسرة؛ الذين ألفوا دون شك؛ وتعودوا على ضيوفهم الموسميين، أطفال أذكياء و مؤدبين. وحين خلا لي الجو،عانقت أوراقي وقلمي أبثهما لوا عجي ويأسي، مستعرضا منحى سيري؛ منذ وصولي إلى مدينة أزرو؛ التي لم تدم إقامتي بها إلا لحظات، هذه المدينة سميت نسبة إلى صخرة عظيمة تتوسط المدينة؛هذه المدينة التي تشبه في جوها العام و طابعها الانفرادي مدينة ايفرن،هكذا قضيت اليوم متنقلا بين أزرو/الصخرة وايفرن/المغارات...لم تسمى هذه المدن جزافا، بل أسماء وليدة قصص تاريخية حضارية ما، لم تسمى اعتباطا أو عفويا كما سميت أنا: الحسين..أحسن ممن أنا؟أحسن مماذا أنا؟ أفضل ممن؟أرقى عمن؟ الأفضل لو لم أكن ثمرة شهوة مارقة في يوم ما...!!!؟
قلت: سأقضي بعض الوقت هنا، ولكن أحس الآن؛ أنني كلما بقيت أكثر هاهنا..أزداد يقينا أنني كائن أسطوري غير مرغوب فيه. إن الطبيعة تجذبني؛ تبتلعني؛ تذوبني...ورغم ذلك فأنا مرغم على الفرار، مقهورا من عشيقتي التي عذبتني بمساحيقها الطبيعية...
لقد كنت كمن يشاهد من نافدة القطار كل المناظر الطبيعية الجميلة، التي يظل يحلم بها؛ ويتمنى أن يعيش في كنفها، دون أن يطمع في شيء من ذلك، ما دام القطار لن يتوقف أبدا، والمناظر الجميلة ستختفي في نهاية المطاف...
ايفرن في: 7/8/1996
يتبع...
ذ . الحسين العمراني
amralhos@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق