ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العنوان: النفحة الشمالية العاطرة الأنفاس في الرحلة الخمالية لزيارة قطب
فاس
المؤلف: محمد الفاطمي الصقلي الحسني الذي ولد بمدينة فاس سنة 1270 هـ
1853 م ، وعاش حياته بين المغرب
والحجاز، حتى وافته المنية بالمدينة المنورة سنة 1310 هـ 1892 م
المحقق:
الناشر:
الوصف:
رمز الوثيقة: المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط محفوظة تحت عدد 5467.
التحميل: من هنا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بدر الدين الخمالي
للمغاربة باع طويل في أدب
الرحلة و تدوين الرحلات ، بل يمكن القول أنهم تفوقوا على المشارقة في هذا الباب على الرغم من طول باعهم وحسن تأليفهم في
هذا الفن وصنوفه، فيكفي أن رحلة ابن بطوطة تعد من عجائب الأدب العربي و الإسلامي ،
حتى أن شهرته طافت الأفاق و اخترقت الأرجاء و بقيت مضرب المثل في المشارق و
المغارب لما ضمت من كنوز و عجائب ، ومشاهدات و ملاحظات و أوصاف يقف عندها الدارس
لأدب الرحلة والباحث في التاريخ وعلم الاجتماع بكثير من الاهتمام لما تحمله من
معلومات قيمة و إضافات جليلة عن حالة الأمصار التي زارها في ذلك العصر وعادات
أهلها وطباعهم و طرائق عيشهم ومعتقداتهم .
فقد كانت رحلة الحج في كثير
من الأحيان محفزاً لعدد من الحجاج المغاربة و خاصة الفقهاء و العلماء و الأدباء
على تدوين رحلاتهم و مشاهداتهم للأمصار التي يمرون بها في طريقهم إلى الحج أو عند
رجوعهم منه ، بل و السفر الى الأمصار البعيدة بعد قضاء مناسكهم كالهند و بلاد فارس
للتجارة ، كما أن الرحلة داخل المغرب حازت بنفس القدر كذلك شطراً كبيراً من مجال التأليف الأدبي للعصور
الوسيطة ، حيث لم يكن الانتقال من مدينة إلى أخرى يخلو من مغامرة بسبب الأوضاع
الأمنية الغير مستقرة التي سادت ببعض فترات التاريخ المغربي ، كما لم يكن يخلو من
إثارة و متعة بسبب المشاهدات و اللقاءات التي تجمع بين مؤلف الرحلة و أشخاصها و
القبائل و الحواضر التي يمر بها ، وقد كانت تأخذ الرحلة في كثير من الأحيان الطابع
الديني و النفس الصوفي لكثرة تعلق المغاربة بدينهم و تشبثهم بالعمق الروحي الذي
يربطهم ببعضهم ، فضمت الرحلات وصفا للأولياء و ذكراً لأخبار الأتقياء و الأشراف و
القبائل و المواسم و غيرها وكثيرا من الأشعار و الزجل و المنظومات، ونقف هنا على
رحلة فريدة من نوعها كتبت في نهاية القرن التاسع عشر ، تؤرخ لزيارة الشريف سيدي
محمد الخمال الطنجي إلى ضريح مولاي إدريس بفاس .
١ ـ صاحب الرحلة
الخمالية
هو الشريف سيدي محمد الخمال
العمراني الطنجي من أعيان و كبراء مدينة طنجة ، ولد على الأرجح في العقد الرابع من القرن التاسع عشر أي حوالي سنة
1841 ميلادية ، وهو ينتمي إلى فرع أسرة الشرفاء الخماملة العمرانيون بطنجة التي استقروا بها في نهاية القرن السابع
عشر بعد تحريرها من الاحتلال الانجليزي ، قادمين إليها من بادية الخطوط ببني
جرفط و قد اتصفوا بالوجاهة و الثراء و
عرفوا لدى الخاصة و العامة من أبناء طنجة وغيرها من الأنحاء بحب العلم و أهله و
الشعر و الأدب ، فكانوا بذلك محط وفادة
الشعراء و الأدباء إلى حضرتهم بطنجة خاصة سيدي محمد الخمال الذي عرف بسخائه و كرمه
، حتى ترجم له الزر كلي في الأعلام بقوله مثر من أهل طنجة كما وصفه الأديب محمد
الرايس بقوله في وصف سيدي محمد الخمال بأنه من أعظم الناس في الامتثال وأسرعهم
لنيل الأفضال الشريف المنيف اللوذعي الغطريف الحائز قصب السبق في مضمار الكرم
والجود وراثة عن أباء كرام وجدود نجل الرسول وبضعة مولانا علي وسيدتنا البتول
العاقل الماهر الذكي الفاضل الذاكر الألمعي الجامع لأصناف الكمال والجمال أبي عبد
الله سيدي محمد العمراني المدعو بالخمال.
يقول الأستاذ عبد الله
المرابط الترغي في موسوعة معلمة المغرب (…كان هذا الشريف قد أعمل الرحلة من طنجة
إلى فاس سنة 1300 هجرية لزيارة جده المولى إدريس الأزهر وذلك في ركب كبير صحب معه
جماعة من أعيان طنجة وغيرهم من العلماء والوجهاء والأدباء وحظي باستقبال كبير في
الطريق التي مر منها وفي فاس أثناء إقامته بها حيث خصه أدباء فاس بقصائد في مدحه
والثناء عليه.
٢ ـ كتاب الرحلة
الخمالية
الرحلة الخمالية عبارة عن
مخطوطة بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط محفوظة تحت عدد 5467.
وهي في الحقيقة تنقسم إلى
جزأين أو رحلتين بالمعنى التقني أي إلى مؤلفين منفصلين و إن ضمتهما نفس المخطوطة
وكلاهما يخصان ترحال الشريف سيدي محمد الخمال العمراني
الأولى بقلم الأديب محمد
الرايس الفاسي وقد سماها الرحلة المرصعة ببديع اللألإ في ترحال الشريف المنيف سيدي
محمد الخمال العمراني الطنجي .
والثانية للشاعر محمد الفاطمي الصقلي وهي المسماة بالنفحة الشمالية العاطرة الأنفاس
في الرحلة الخمالية لزيارة قطب فاس ويوجد بمقدمة المخطوطة قصيدة للشيخ ابن الأمير
العلوي الشنجيطي يمدح فيها سيدي محمد الخمال وأجداده وجده المصطفى صلى الله عليه
وسلم
يقول فيها : الفلك تمخر
والظلام مدوح & محمد الخمال ذو السما سماء
من مجد إسناده متواتر &
يمليه عليك الجيران والغرباء
تربى فترعرع في المعالي
يافعا & حتى انتهى للغاية القصواء
لازال موضع رفعة قد نالها
& يسمو على الجيون والجوزاء
و هذه القصيدة التي ضمت
حوالي تسعون بيتا ليست من الرحلة و لا تدخل في مضمونها ، إلا أن الكاتب آثر أن
يجمعها في مضمومة المخطوط لتعلق غرضها بمدح الشريف الخمال
أ ـ الرحلة المرصعة ببديع
اللألإ في ترحال الشريف المنيف سيدي محمد الخمال ووفوده على حضرة فاس لزيارة طيب
الأنفاس يتيمة الجوهر النفيس أبي العلاء سيدنا و مولانا إدريس
التأليف الأول كتبه الفقيه
الأديب محمد الرايس وسماه الرحلة المرصعة ببديع اللألإ ـ وقد ذكره الزركلي في
الأعلام وعبد الحي الكتاني في فهرس الفهارس ـ وهو يعد بحق مزجا رائعا بين الأدب
والتأريخ لكثرة ما ذكر بها من أشعار والوصف للأماكن والديار ولذكره للأنساب كما أن
المؤلف بالإضافة إلى تأريخه للرحلة يعد كذلك ترجمة لسيدي محمد الخمالي العمراني
الحسني
حيث ذكر نسبه وحسبه ومكانته
الاجتماعية المرموقة في مدينة طنجة العالية ؛ ولا يخفى على أحد أن الرحلة من طنجة
إلى فاس لم تكن فقط مجرد رحلة داخلية أوسفرعادي كما هو الأمر اليوم بل كانت محفوفة
كذلك بالمغامرة نتيجة لما كانت عليه الأوضاع الأمنية في مغرب نهاية القرن التاسع
عشر نتيجة لتمرد عدد من القبائل على سلطة المخزن و فرض بعضها للإتاوات على الطرق
التجارية و تنقل القوافل ؛ لكن ذلك لم يكن مانعا أمام المغاربة بشتى تكويناتهم
الاجتماعية وانتماءاتهم من صلة الرحم بأقربائهم في شتى ربوع الوطن أو من زيارة
الأولياء و الزوايا كما هو الحال هنا في مقصد المترجم له في الرحلة الخمالية حيث
خرج قاصدا زيارة المولى إدريس الأزهر كما هي عادة الشرفاء الادارسة في زيارة جدهم
رضي الله عنه .، وقد تمت هذه الرحلة خلال عهد السلطان مولاي الحسن الأول أي ما بين
1300 إلى سنة 1301 هجرية .
و الرحلة المرصعة عبارة عن
مخطوط من أربعة كراريس موجودة ضمن المجموعة الكتانية بالمكتبة الوطنية بالرباط ،
حيث تم فهرستها خطأً تحت عنوان رحلة داخل المغرب والأصل هي الرحلة المرصعة ببديع
اللألإ في ترحال الشريف المنيف سيدي محمد الخمال ووفوده على حضرة فاس لزيارة طيب
الأنفاس يتيمة الجوهر النفيس أبي العلاء سيدنا و مولانا إدريس، جاء في كتاب
الأعلام للزركلي الجزء الأول في خضم الترجمة للأديب محمد الرايس مؤلف الرحلة
الخمالية المسماة بالرحلة المرصعة ببديع اللآلئ. ..محمد بن محمد الرايس: أديب
مغربي كانت له صلة بمثر من أهل طنجة يدعى محمدا العمراني الخمال الحسني، وسافر هذا
إلى فاس (سنة 1300 ه) فصنف له صاحب الترجمة رحلة سماها (الرحلة المرصعة - خ) نحو أربعة كراريس، في الخزانة الكتانية
بفاس.
ب ـ النفحة الشمالية العاطرة
الأنفاس في الرحلة الخمالية لزيارة قطب فاس
وقد كانت هذه الرحلة هدفا لكتابة متأنقة مليئة
بأشعار الوصف للأماكن والديار سميت بالنفحة الشمالية العاطرة الأنفاس في الرحلة
الخمالية لزيارة قطب فاس ألفها الشاعر الأديب محمد الفاطمي الصقلي الحسني الذي ولد
بمدينة فاس سنة 1270 هـ 1853 م ، وعاش حياته بين المغرب والحجاز، حتى وافته
المنية بالمدينة المنورة سنة 1310 هـ 1892 م
حفظ القرآن الكريم وتلقى
مبادئ اللغة والمتون العلمية في الكتّاب، ثم انتقل إلى جامع القرويين ليستكمل
تعليمه في علوم التفسير والفقه والأصول والنحو واللغة والبلاغة والعروض.
عمل معلمًا فتتلمذ عليه عدد
كبير من الطلاب، كما عمل بالعدالة، فنصب للشهادة بسماط القرويين، بالإضافة إلى
عمله موثقًا ثم مصححًا بالمطبعة الحجرية الفاسية ، وكان له اتصال بوجهاء عصره و
كبراءهم حتى سمي بشاعر البلاط
ابتدأ فيها بالصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم و
التعريف بسيدي محمد العمراني المعروف بالخمال قائلا…الشريف المنيف السري الغطريف
الفاعل للخير والدال عليه المشتغل بالفضل والمرشد إليه محب العلم وأهله المتفق على
نبله السخي الذي أنسى معن بن زائدة بمواهبه الزائدة الحيي الخاشع الذكي الأوحد
الأسمى السني الموتقي أفق الفضائل والمعالي السامية نجل النبي محمد خير الورى
المرتضى ذو الكرامات الهامية أبو عبد الله سيدي محمد العمراني المدعو بالخمال بلغه
الله كل الآمال
وبعد أن مهد للرحلة بذكر
آداب الزيارة وأحكامها والأحاديث الواردة في هذا الباب وأراء العلماء. ذكر خروج
سيدي محمد الخمال من طنجة العامرة مطلع شهر جمادى الثانية من سنة 1300 هجرية ثم
بدأ بوصف الأمكنة التي مر منها…إلى أن وصل إلى قبيلة الخماملة .
وصف الخماملة في النفحة
الشمالية
يقول محمد الفاطمي
الصقلي(…ثم توجه بعون رب البرية إلى حد غربية وهي بلاد يأسر فيها الطرف ويكل فيها
الطرف ذات مساحات فساح و غوران ماءها كذوب اللجين على أرض كقطع الزبرجد ساح ، نبات
منها يرتع سني في عيش الهنى.
ثم توجه من الغد إلى قبيلة
بني عمه الأشراف سلالة المنعوت في سورة الأعراف وهي قبيلة وافرة فيها سادات وجوههم
كالبدور الساحرة منهم صلحاء وأعلام فيهم مصابيح الإسلام، قد اشتهروا بالصلاح
والديانة والشجاعة والجود،وكيف لا وهم أبناء سيد الوجود.
فقابلوه بالترحيب والمسرات
ثم بعد ما قضى حق رحمه المتمكنة الأسباب واكتسب ثواب ذلك من رب الأرباب، توجه من
الغد وهو لقضاء حق القرابة ملئان بالسرور فنزل على ضفة وادي ورور وهو من أعظم
الأنهار مياهه كسبائك الفضة تنهاره وحصباته كالذر الفاخر وهو في هيجانه كالبحر
الزاخر ، متسع البطاح و الأغوار، كأن أرضه بساط من السندس نثرت عليه ذرر النوار،
يشرح الخاطر بنسيم منه عاطر ويدخل على القلوب من الأفراح مالا تدخله الراح
ثم قال نظما
انبساط وانشراح وحبور &
للذي مر على وادي ورور
بشرح الخاطر فيه مسرح & يذهب الهم ويأتي بالسرور
فيه اغتنم كل نزهة إن أمكنت
& قبل فوات إنما الدنيا غرور فبات
به بين روضه ونهره و غصنه وزهره…)
ثم واصل ذكر البقاع والمدن
التي مر بها في رحلته و وصفها وذكر أولياءها وهي مليئة بالقصائد والنظم حتى يمكننا
القول أنها إلى الشعر أقرب من النثر ، و كذلك وصف استقبال الناس للشريف الخمال إلى
حين وصوله إلى فاس .
و المخطوطة بحاجة إلى جهد
المحققين و دارسي الأدب المغربي وأدب الرحلة المغربية المعاصرة كي يعيدوا إخراج
كنوزها الأدبية و الشعرية، و جمع ما ضاع منها ووضعها في سياقها التاريخي والأدبي.